في لحظة كانت تبدو كغيرها من لحظات الحياة العابرة، تعرضت دعاء أوخنتجي، الشابة المغربية النابضة بالحياة والطموح، لحادث مأساوي غيّر مسار حياتها إلى الأبد. إثر انحراف قطار عن سكته في منطقة بوقنادل، وجدت دعاء نفسها فجأة في مواجهة تحد غير متوقع، محتجزة بين جدران المستشفى، فاقدة القدرة على الحركة في أطرافها السفلية. لكن هذا لم يكن سوى البداية لرحلة استثنائية من الإرادة والصمود.
منذ اللحظات الأولى لوعيها بالواقع الجديد، واجهت دعاء هذا التحول الصادم في حياتها بكل عزم وتفاؤل. في السابعة عشرة من عمرها، كانت كل الطرق تبدو مفتوحة أمامها، كأي فتاة في مقتبل العمر، مليئة بالأحلام والطموحات. كانت ترى في الرياضة، سواء كانت الكراطي أو كرة اليد، شغفها الأكبر. لكن بعد الحادث، وجدت نفسها تُجبر على إعادة النظر في كل شيء كانت تعرفه عن نفسها وعن العالم.
على الرغم من الصدمة والألم، اختارت دعاء ألا تستسلم لليأس. بهمة لا تلين، قررت أن تكتب فصلاً جديداً في حياتها، فصلًا لم يكن أحد يتوقع قراءته. تحولت الإعاقة في عيني دعاء إلى فصل آخر يُضاف إلى قصتها الملهمة، ليس كعائق وإنما كبداية لمرحلة جديدة مليئة بالإنجازات. لم تكتف بالعودة إلى مقاعد الدراسة فحسب، بل إنها عادت إلى ميدان الرياضة أيضاً، هذه المرة كجزء من فريق لكرة السلة على الكراسي المتحركة.
في سنة 2019، وبعد عام من الحادث الذي شكل منعطفًا حادًا في حياتها، بدأت دعاء ممارسة كرة السلة، ليس فقط كرياضة ولكن كرسالة أمل وصمود. لم يمض وقت طويل حتى تم استدعاؤها للانضمام إلى المنتخب الوطني النسوي، حيث شاركت في تربصات إعدادية ومسابقات دولية. وفي غضون فترة قصيرة، احتلت مع فريقها المركز الرابع في الألعاب البارالمبية الإفريقية في غانا، تحقيق كان بمثابة إثبات لقدرة الإنسان على تجاوز التحديات.
تقول دعاء، بصوت ملؤه الحماس والاصرار: “الرياضة غيرت حياتي مرة أخرى. أعطتني فرصة للقاء أشخاص يواجهون نفس التحديات، وعلمتني أن الإعاقة ليست نهاية الطريق”. تجد في كل تدريب وكل مباراة فرصة لإلهام الآخرين ولتذكير العالم بأنه مهما كانت العقبات، يمكن للإرادة والعزيمة أن تحدث فارقًا كبيرًا.
دعاء أوخنتجي، بقصتها التي تنطق بالأمل والإصرار، تشكل مصدر إلهام لكل من يواجه الصعوبات. مع كل رمية تنجزها، ومع كل خطوة تتقدمها في مسيرتها، تثبت أن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بالنفس والشجاعة لمواجهة الحياة بكل ما تحمله من تحديات.